ادعمنا

مفهومي إعلام العنف وإعلام السلام في النزاعات - The concepts of media violence and media peace in conflicts

أدى تطور شكل النزاعات في القرن الحادي والعشرين وانتقالها من النزاعات بين الدول إلى نزاعات داخل  الدول إلى زيادة دور وأهمية وسائل الإعلام التي برزت وبشكل كبير بفعل التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال وانهيار الحدود أمام سرعة نقل ونشر المعلومة  كألية من أليات ادارة الحروب والصراعات بل أصبحت القوة المحددة لأجندة الفواعل المختلفة، وهذا بدوره أدى إلى ظهور العديد من المفاهيم التي تعبر عن طبيعة الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام  فهي كما وصفها هتلر  عملة بوجهين تؤدي غرضين حيث قال أن : "الاعلام يستطيع أن يبني دولة أو يهدم دولة"،  ما يعني أن وسائل الإعلام يمكن أن تلعب دورًا حيويًا على مستويات مختلفة في التصعيد من حدة العنف أو تعزيز السلام مستدام، وهذا ما أدى إلى  انتشار كل من مفهوم إعلام العنف  وإعلام السلام التي تسعى  هذه  الدراسة إلى البحث في معنى  كل منهما. 

وقبل التطرق إلى تحديد معنى  كل من مفهوم  إعلام العنف وإعلام السلام  لابد أولاً من تحديد  المقصود  من مفهوم الإعلام،  ويعتبر الإعلام من المفاهيم المعقدة حيث لا نجد هناك إجماع أو اتفاق حوله، لهذا سنحاول تقديم أهم التعاريف لهذا المفهوم من خلال تقديم التعريف اللغوي والاصطلاحي بالإضافة إلى تعريفنا الاجرائي، كما يجب التنويه قبل الخوض في تعريف الإعلام إلى أن هناك تقسيم نظري للمفهوم، حيث نجد مفهوم الإعلام  والإعلام الجديد وسنتطرق إلى كل منهما  بالترتيب.  

 

تعريف الإعلام 

- لغة: ” مصدر الفعل الرباعي أعلم، يقال: أعلم يعلم إعلاما... و أعلمته بالأمر: أبلغته إياه، و أطلعته عليه، جاء في لغة العرب: استعلم لي خبر فلان و أعلمني حتى أعلمه، واستعملني الخبر فأعلمته إياه“.

 تعريف لغوي آخر للإعلام: ”الإعلام: من مادة علم ، والعلم نقيض الجهل، وعلم علما، وعلم هو نفسه تعليما، أذن بالشيء إيذانا و أذانا وأذانه: علم به“.

  من التعاريف اللغوية السابقة يمكن القول بأن التعريف اللغوي للإعلام هو الإبلاغ عن الشيء والإخبار به ومعرفته في جميع الميادين  سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ، و يمكن معرفة والعلم بالخبر من عدة مصادر منها الأخبار و الجرائد مثلا.

- اصطلاحا: تتنوع  وتتعد التعاريف الاصطلاحية المقدمة لمفهوم الاعلام وتختلف من مفكر لآخر ومن باحث لآخر بحسب مجال التخصص، قد اخترنا بعض التعاريف الاصطلاحية التي تخدم هذا موضوع ولا تخرج عن إطاره، و هي كالتالي: 

- تعريف الدكتور محمد سامي ذبيان للإعلام على أنه: ”تلك العملية الإعلامية التي تبدأ بمعرفة المخبر الصحافي بمعلومات ذات أهمية، أي معلومات جديرة بالنشر والنقل، ثم تتوالى مراحلها: بجمع المعلومات من مصادرها ونقلها والتعاطي معها وتحريرها، ثم نشرها وإطلاقها أو إرسالها عبر صحيفة أو وكالة أو إذاعة أو محطة تلفزة إلى  الطرف معني بها ومهتم بوثائقها“،  كما أنه هناك تعريف آخر للإعلام يرى بأنه: ”عملية نقل الخبر أو وجهة النظر أو كليهما من طرف إلى آخر“.

من خلال كل هذا  يمكن تعريف الإعلام بأنه: عملية تبدأ بجمع المعلومات وتنتهي بنشرها على الناس، ويعبر الإعلام عن وجهات نظر وأفكار و آراء الناس كما يهدف أيضا إلى التأثير فيهم.

 

تعريف الإعلام الجديد

جاء مصطلح الإعلام الجديد بعد الثورة التكنولوجية والتطور الهائل الذي عرفها مجال تقنيات الاعلام والاتصال، وقد لقي هذا المفهوم جدلاً واسعاً في تعريفه، حيث تختلف الآراء و وجهات نظر الباحثين في تعريفه، نظرا للتطور التكنولوجي الهائل الذي مس الجانب الإعلامي خاصة بمجيئ الإنترنت  أين تعقدت العملية الإعلامية،  فهناك من يرى بأن الإعلام الجديد هو بديل عن الإعلام التقليدي مثل الصحافة و التلفزيون،  وهناك من يعتبر الإعلام الجديد ما هو إلا تطور جديد للإعلام التقليدي دخل فيه الكومبيوتر والإنترنت فقط.

- جاء تعريف مصطلح الإعلام الجديد في قاموس التكنولوجيا الرقمية على أنه: ”إدماج الكومبيوتر  وشبكات الكومبيوتر و الوسائط المتعددة“.

- تعريف ”جونز - Jones“: ”الإعلام الجديد هو مصطلح يستخدم لوصف أشكال من أنواع الاتصال الإلكتروني أصبح ممكنا باستخدام الكومبيوتر كمقابل للإعلام القديم  الذي يشمل الصحافة المكتوبة من جرائد ومجلات والتلفزيون والراديو وغيرها من الوسائل الساكنة static. ويتميز الإعلام الجديد بخاصية الحوار بين الطرفين صاحب الرسالة ومستقبلها، ومع ذلك فإن الفواصل بين الإعلام الجديد والقديم ذابت لأن القديم نفسه أعيد تكوينه وتحسينه ومراجعته ليلتقي مع الجديد في بعض جوانبه“.

أما  ”دينيس مورفي Dennis Murphy“ أستاذ عمليات المعلومات في الحروب في الكلية الحربية التابعة للجيش الأمريكي عرف الإعلام الجديد ووسائله على أنها:  ”القدرة التي تمكن مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة من إنشاء ونشر المعلومات في الوقت الحقيقي أو الفعلي مع القدرة على التأثير على جمهور واسع (إقليمي أو عالمي) باستخدام تقنيات الاتصالات الموحدة العالمية مثل الإنترنت“.

وللإعلام الجديد عدة مسميات: الإعلام الرقمي، الإعلام التفاعلي، الإعلام الشبكي، الوسائط السيبرانية، إعلام المعلومات و إعلام الوسائط المتعددة،  والإعلام الذي يعتمد على الفضاء الإلكتروني.

 

1- إعلام العنف "media violence": 

يعد  إعلام  العنف  من المفاهيم  التي  يشوبها الكثير من الغموض حول ماهيته خاصة  في  ظل  تعدد التعريفات، فلا يوجد تعريف واحد وعالمي لإعلام العنف وكذلك النظريات المفسرة له كقوة تخريبية،  لكن وبما  أننا ربطنا  تحليل المفهوم بالنزاعات  سيتم عرض أهم التعاريف التي  ذكرت في هذا السياق، والمتمثلة في:  

عرف "يوهان غالتونغ Johan Galtung“ إعلام العنف كالتالي: ”إعلام العنف، يغطي النزاع  وكأن الأمر متعلق بمعركة ليس إلا، و يتم تصوير المعركة كما لو كانت ملعباً للرياضة، و يتم تقديم الأطراف التي تختصر عادة في طرفين اثنين لا غير، على أنهما محاربان يحاول كل  منهما فرض أهدافه...، وتتضح الأمور أكثر عندما ينظر الى أعمال العنف من منظور "نحن" في مواجهتـهم فيكون النظر الى الهم - الغير - باعتبارهم شياطين، ذوي ميول فطري وطبيعي الى العنف، ويشكلون "خطراً واضحاً و قائماً يستدعي إخضاعهم للرقابة والردع و السحق، ومن ثم يمكننا تلخيص هذا المنظور في التالي: استخدام ما يكفي من القوة تحصل حتما على الأمن المنشود“.

   وفي ذات السياق يرى الدكتور محمد شطاح  بأن إعلام العنف متمثل في: ”التركيز على الأخبار السياسية  في اتجاه سلبي من خلال التركيز على بؤر التوتر وضخ المشاهد بكم هائل من العنف الإخباري إلى جانب العنف الترفيهي الذي لا تخلو منه شبكات برامج القنوات التلفزيونية“، وقد قسم التغطية الإعلامية للعنف إلى قسمين: العنف الترفيهي والعنف الإخباري.

فحسبه العنف الترفيهي: ”هو ذلك الذي يظهر في البرامج الترفيهية كالمسلسلات والأفلام والخيال بصفة عامة،  وهو العنف الذي تستخدمه القنوات التلفزيونية لخدمة إحدى أهم وظائفها وهي الترفيه Distraction إلى جانب الأخبار والتثقيف، وتسعى من خلاله إلى إثارة أحاسيس المشاهدين“.

أما العنف الإخباري فيعني: ”عرض لمشاهد العنف والحرب والدمار والإصابات التي تحصل في أماكن التوتر والأزمات من خلال الأخبار والبرامج السياسية أو التوثيقية“.

وقد ذكر الدكتور محمد شطاح مثال قناة CNN عن النوع الثاني من التغطية الإعلامي للعنف، حيث رأى بأنها أول قناة اتخذت من العنف كمادة إخبارية لها وتعمل على نشره، خاصة من خلال تغطيتها لحرب الخليج الثانية على الهواء مباشرة، فعلى حد قول الدكتور تحولت المحطة الى أداة فعالة في تحديد مسار الحرب، كما أنه وفي النزاع البوسني كذلك نلاحظ التجسيد الحقيقي لإعلام  العنف حيث  تخلت المؤسسات الإعلامية  والصحفيين أنفسهم عن عمد عن القواعد المهنية والمعايير الحقيقة  في نقل المعلومات كما لم تقف تلك المؤسسات محايدة بين أطراف النزاع.

عرّف بعض الخبراء الذين يتتبعون العنف في البرامج التلفزيونية  مثل ”جورج جيربنر George Gerbner“ اعلام العنف  بأنه الفعل أو التهديد بإصابة أو قتل شخص ما  بغض النظر عن الطريقة المستخدمة أو السياق المحيط، بمعنى  أن العنف الإعلامي هو نوع من أشكال العدوان المتطرف الذي ينتج عن التعرض المستمر للسلوك العدواني والعنيف في وسائل الإعلام ، مما يؤدي إلى معاناة إنسانية وخسائر في الأرواح وصعوبات اقتصادية لمجتمعنا بالإضافة إلى جو من القلق  والخوف وعدم الثقة.

هناك مصطلح آخر يندرج تحت مظلة إعلام العنف، وهو مصطلح صحافة الحرب وقد عرفها ”جاك لينش Jack Lynch“ بأنها: ”تركز على المعطيات المؤدية للنزاع و تثير مشاعر العداوة بين الأطراف المتنازعة“، وهكذا يشكل العنف الإعلامي تهديدًا للصحة العامة فهو يؤدي إلى زيادة العنف والعدوان في العالم الحقيقي، حيث تظهر الأبحاث أن العنف التلفزيوني يساهم في زيادة على المدى القصير والطويل في العدوانية والعنف لدى المشاهدين. 

من خلال هذه التعاريف  يتضح أنه: في إعلام  العنف  يتم النظر إلى  وسائل الإعلام كعامل مساعد في القتال من خلال الدعاية كسلاح للتخويف؛ التجنيد؛ ونشر المعلومات الخاطئة المستهدفة، إذن إعلام العنف هو العمل على نشر الدعاية والتضليل لإحباط المعنويات أو التلاعب بالخصم والجمهور وتقويض جودة معلومات الخصم.

 

2- إعلام السلام "media peace"

يعبر إعلام السلام عن العلاقة بين وسائل الاعلام وحل النزاعات، حيث يركز على النزاع ذاته  وكل ما له صلة بتحويله يحاول بذلك وفق عملية الاستقطاب من خلال ابراز مختلف جوانب أطراف النزاع السيئة منها والجيدة عن طريق التهدئة، يكون هذا عبر ابراز عملية السلام وتسوية النزاعات من خلال الالتزام بالحقيقة والاهتمام بعامة الناس على عكس  إعلام العنف و الحرب الذي تكون له أغراض دعائية يركز على النخب الحاكمة.

وفي ما يلي أهم  التعريفات المقدمة  لمفهوم إعلام السلام:

-  إعلام السلام هو استخدام وسائل إعلام  من  قنوات وتقنيات الاتصال الجماهيري لتعزيز الحل السلمي للنزاع،  بمعنى أن إعلام السلام يهتم بالتحول السلمي للنزاع من خلال برامج تعليمية ترفيهية تعزز وتدعم السلام. 

- يعرف ”ستيف يونغ لبورد Steve Young“ رئيس مركز الصحافة والاعلام في جامعة بارك الامريكية، اعلام السلام بناءً على هدفه، فيقول  إعلام  السلام يهدف إلى: ”إيصال صوت من لا أصوات لهم في النزاعات وسماع  وجهات نظر كل الاطراف المتنازعة بعيدا عن "البروباجاندا" التي تستخدمها الأطراف المتنازعة....نسلط الضوء أيضا في لقاءاتنا مع الأشخاص العاديين بعيدا عن آراء القادة المتنازعين أو أطراف النزاع... الإبعاد عن العنف في صياغة الخبر تجنباً لتأجيج المشاعر“.

- يعد إعلام السلام نهجًا تفسريًا للدعوة لتسليط الضوء على مبادرات السلام وتخفيف الاختلافات العرقية والدينية، ومنع المزيد من الصراع مع التركيز على بنية المجتمع  وتعزيز حل النزاعات وإعادة الإعمار والمصالحة، هذا  ما  يؤكد أن إعلام السلام هو النهج الصحيح لمساعدة الجماهير تدريجيًا على إدراك أن هناك حلولًا أخرى للنزاع بدلاً من العنف.

هناك مفهوم  آخر يتم  الإشارة إليه عند الحديث عن إعلام السلام وهو  صحافة السلام والتي ينظر  لها  بأنها نمط معياري للتغطية الإعلامية المسؤولة والضميرية للنزاع التي تهدف إلى المساهمة في صنع السلام وحفظ السلام وتغيير مواقف مالكي وسائل الإعلام والمعلنين والمهنيين والجماهير تجاه الحرب والسلام،  فصحافة السلام صحافة مختلفة وتعد خروجاً عن الطريقة التقليدية لتغطية الإعلامية لصراع والعنف، فهي لا تهدف إلى نقل ما يُرى فقط بل نقل ما  لا  يمكن رؤيته، فإذن  هي تسعى  لتمثيل الواقع بدقة من خلال احترام الموضوعية والسعي إلى الصدق.

 وتتلخص مهمة  إعلام السلام في كونه  يجب أن يقوم بتسليط الضوء على الجوانب الإنسانية ونبذ النزاعات وردم الحفر الطائفية و المذهبية،  ووفق باسيل يقوم اعلام السلام على مجموعة من المبادئ تتمثل في: 

- أن تكون لدى الصحافيين خلفية عن النزاع و يكونوا واعين بأبعاده.

- أن تكون التغطيات والكتابات موجهة نحو الشعب و مطالب المواطنين، و أن يبحث الصحافيون عن الحقائق والوقائع.

- بالإضافة الى التركيز على الحلول المقترحة و المبادرات السلمية، وتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين من كلا الفريقين المتضررين.  

وفق التعاريف  السابقة يسعى إعلام السلام إلى تحقيق جملة من الأهداف والمتمثلة في:

-  يهدف إعلام السلام إلى استكشاف أطوار  تشكل النزاع  بمعنى دراسة مختلف المراحل التي مر بها النزاع، وتسليط الضوء على الأسباب ذات الصلة بالعمق التاريخي والثقافي وكذلك التركيز على البنية  والثقافة والمجتمع  للقضاء على أثار العنف المرئي.

-  التوجه نحو تحقيق "الفوز، الفوز" و هذا يعني أن إعلام السلام من بين أهدافه أنه يسعى لجعل الفوز حليف الطرفين فهي ليست لعبة صفرية بقاء الطرف الأول يعني القضاء على الطرف الثاني.

-  يسعى إعلام السلام الى اشراك جميع الأطراف وسماع صوتهم مع التحلي بالتعاطف والتفاهم بهدف جعل النزاعات أكثر شفافية.

-  من بين أهدافه كذلك أنه يسعى إلى تغير رؤية الأطراف حول النزاع باعتباره مشكلة، إلى تركيزهم على الروح الإبداعية لمعالجة النزاع.

- يهدف إعلام السلام إلى فضح أكاذيب الأطراف والحصول على جميع المعلومات، بهدف التركيز على مصدر العنف كما أنه يركز على إعادة البناء والمصالحة. 

 وحسب غالتونغ  وجاك لينش ليحقق إعلام السلام هدفه في اطار تغطية النزاعات  لابد  أن يفي بالشروط الأساسية التالية:

-  تجاوز أعراض النزاع المتمثل في أعمال العنف ومظاهره المختلفة و كشف اسباب نزاع السطحية والعميقة وأطرافه الظاهرة و الخفية.

- عدم التركيز على النخب والاهتمام بالجماهير، خاصة تلك التي تعاني بشدة من مختلف أشكال العنف المرئي والهيكلي و الثقافي.

- عرض وجهات نظر كل الأطراف واتاحة الفرصة  أمامها لإبداء مواقفها والتعبير عن مصالحها واحتياجاتها،  خاصة الأساسيات التي لا مجال للتفاوض حولها سواء المادية أو المعنوية.

- طرح رؤى لفض النزاع... هنا يسعى الصحفي إلى فتح أفاق جديدة تخرج المجتمع من منطق العنف.

- استكشاف اطوار  تشكل النزاع،  بمعنى دراسة مختلف المراحل التي مر بها النزاع، وتسليط الضوء على الأسباب ذات الصلة بالعمق التاريخي والثقافي، وكذلك التركيز على البنية  والثقافة و المجتمع  للقضاء على  أثار العنف المرئي.

 

أهم الأعمال النظرية في إعلام السلام

في هذا الجزء سوف نحاول تقديم مجموعة من الأعمال النظرية التي تدور حول إعلام السلام والتي ساهمت في تطور دور وسائل الاعلام في حل النزاعات وانتقالها من مجرد وسيلة لتغطية النزاع إلى ألية تساهم في ايجاد حلول للحد من أعمال العنف: 

- يعتبر يوهان غالتونغ  أول من  أهتم بفكرة اعلام السلام من خلال صحافة السلام التي بدا استخدامها في 1970 وتم تطويرها من طرف جاك لينش وماكغولدريك ، وبرزت صحافة السلام كبديل للنهج التقليدي في التغطية الاعلامية لصراعات، فهي  برنامج أو إطار التغطية الإخبارية الصحفية التي تساهم في عملية صنع وحفظ السلام وتغيير المواقف النزاعية من الحرب إلى السلام.

وتعرف الصحافية اللبنانية فنيسا باسيل صحافة السلام بأنها: ”تختصر بطريقة اختيار الصحفي المواضيع التي يريد معالجتها و الأسلوب الذي يكتب به و هي ترتكز على تحليل النزاع و تحويله سلميا“،  وبهذا تكون صحافة السلام تركز على الجانب الانساني من النزاع والحاجة للوصول إلى حلول سلمية ووضع حد للنزاع، لهذا فصحافي السلام ليسوا دعاة سلام لكن هم  من  يقومون بتأطير قصصهم كطريقة لإعطاء السلام فرصة.

  عرف جاك لينش صحافة السلام كالتالي: ”صحافة السلام هي عندما يقوم الصحفيون و المحررون - باختيار ما لذي يعرض و كيف يتم ذلك عرضه، هذا ما يخلق خيارات للمجتمع بأسره للنظر ولتقييم الردود غير العنيفة للنزاع“.

كما يرى أن صحافة السلام كاستراتيجية علاجية لإعطاء فرصة للسلام تعمل على:

- استكشاف خلفيات وسياقات تشكيل  الصراع ، وتقديم خيارات وأسباب من كل جانب.

- إعطاء صوت إلى وجهات نظر جميع الأطراف المتناحرة من جميع المستويات.

- عرض الأفكار الخلاقة لتسوية النزاعات، والتنمية وصنع السلام وحفظ السلام، من خلال لفت الانتباه إلى قصص السلام وتطورات ما بعد الحرب.

قدمت الأستاذة  ”اندريا كوبفر شنايدر  Andrea Kupfer Schneider“ في اطار دعمها لدور وسائل الاعلام في حل النزاعات من خلال فكرة اعلام السلام دراسة بعنوان International  Media And Conflict Resolution: Making the connection، بمعنى وسائل الاعلام الدولية وتسوية النزاعات: اقامة الاتصال ومن خلال هذه الدراسة النظرية تهدف الاستاذة اندريا كوبفر شنايدر الى تقديم وسائل الاعلام باعتبارها طريقة مبتكرة لتعامل مع حل النزاعات، بالنسبة لها تعتبر وسائل الاعلام هي الوسيلة الرئيسية  التي من خلالها تستطيع القيادة العامة و السياسيين فهم الصراعات بهدف وضع حد للعنف هذا الاخير الذي يعتبر الدور الصحيح للصحفيين في إطار توظيف اعلام السلام.

- دراسة ”جون بولي John Pauly“  في مقالته: Is Journalism Interested in Resolution or Only in Conflict?، والتي تدور حول تأطير الدور التقليدي والحديث للصحفي، حيث أكد على أن الدور التقليدي للصحفي في اطار النزاعات الدولية كان ينحصر عند حد  تغطية النزاع وفقط أين يلعب دور المراقب  ويقوم بكتابة التقارير وفقط، أما الأن فدوره تغير كلياً أين أصبح الصحفي يقوم بدور أكثر نشاطا في تثقيف مجتمع النزاع حول أهمية ثقافة السلام و المساعدة على ايجاد حلول للنزاعات في اطار إعلام السلام، وهذا الدور الحديث هو المفتاح الذي يحدد كيفية فهم تأثير وسائل الاعلام على الصراع.

 

من خلال ما تم ذكره من التعاريف لكل من مفهوم اعلام العنف واعلام السلام في هذه المقالة توصلنا إلى أن وسائل الإعلام باتت تلعب دور مهم في حياتنا اليومية وفي مختلف المجالات، كما توصلنا كذلك إلى أن اعلام العنف يركز على أعمل العنف فقط وتغطية الصراعات بشكل مغلوط من خلال  استخدام خطاب محرض للعنف كالتركيز على الطائفية و المذهبية لإثارة العداوة بين الأطراف، أما إعلام السلام فهو يركز على الجانب الانساني للنزاع بنبذ العنف والطائفية  والمشاكل الهوياتية بهدف تحويل وحل النزاع.

 

المصادر والمراجع:

يوهان غالتونغ، جاك لينش،  التغطية الاعلامية للنزاعات –التوجهات الجديدة لإعلام السلام، ترجمة رشيد زياني شريف، مؤسسة قرطبة  وشبكة ترانساند بالاشتراك مع معهد الهوقار2010.

رشيد الفعم، "يونغلبورد: صحافة السلام تسلط الضوء على مناطق النزاعات بطرق إنسانية"، 10/02/2023.

سهيلة غلوم حسين ،رؤى  لصحافة السلام...مرحلة موضوعية، 2/02/ 2023. 

فيرونيك أبو غزالة، "صحافة السلام تشق طريقها في لبنان،10/02/2023.

محمد شطاح، "قيم العنف في الإعلام الإستعراضي“، 16/02/2023.

نزار نبيل أبو منشار، تعريف الإعلام ، 3/2/2023.

نسرين حسونة، الإعلام الجديد : المفهوم والوسائل والخصائص والوظائف ، كتاب صادر عن شبكة الألوكة.

نورة النقيتان ،تعريف الإعلام ووسائله، في 3/2/2023،.

هل هناك فعلا صحافة للسلام تتمتع بالإستقلالية و الموضوعية التامة في تغطية الخلافات و النزاعات؟، 2/02/2023. 

عباس مصطفى صادق، الإعلام الجديد : دراسة في مداخله النظرية و خصائصه العامة، 5/02/2023.

محمد غيات مكتبي، الإعلام الإسلامي: ماهيته، خصائصه، أدواته، واقعه، و إشكالياته الراهنة، 3/2/2023.

سامية أبو نصر، الإعلام والعمليات النفسية في ظل الحروب المعاصرة واستراتيجية المواجهة،  دار النشر للجامعات، القاهرة ، ط1،2010

Joshua K. Fowler, New Media Warfare: Tweeting From the Front Lines, p5, Av, Accessed on : 7/02/2023 

Andrea Kupfer Schneider, INTERNATIONAL MEDIA AND CONFLICT RESOLUTION: MAKING THE CONNECTION, (MARQUETTE LAW REVIEW 1, Volume 93,2009),p1,10/02/2023.

Jack Lynch , what is peace journalism ?, 10/02/2023.

Lee, T.S., 2010. Peace Journalism: Principles and Structural Limitations in the News Coverage of Three Conflicts. Mass Communication and Society, 13, p. 362.

Metin Ersoy  , LESSON : 2 A BRIEF HISTORY OF PEADE JOURNALISM , 10/02/2023.

Wilhelm Kempf, Conflict Coverage and Conflict Escalatio, Journalism   and  the  New World   Order, Vol II, 2002, p59. 

alqeem fatimah kazim, media violence,  february 4 ,2015, Accessed  on : 7/02/2023.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia